مقولات من الموروث تثير غيظ الزوجات

الكاتب: عبدالعزيز عمر ابوزيد
المصدر:

من عجائب القدر أن المصائب تتحول إلى فوائد وأن النكبات والنوازل والكربات تتحول إلى فرجات ومنافع فيتغير الأمر من شظف وضيق إلى رخاء وبحبوحة في العيش وإلى بواعث للسرور والانشراح.. وهو ما يثير غيظ وحنق وتذمر الزوجات وينزلن في ذلك جام غضبهن.

فمن الموروث الاجتماعي يمتعض النساء من ترديد مقولة ( جدد الله فراشك ) التي توجه للرجل الذي يصاب بوفاة زوجته ويسخرن من تقديم التعزية بهذه العبارة التي تدعوه لتجديد تجربة الزواج سريعاً دون أن يمهلونه فترة انتهاء مراسم العزاء والتي من المنتظر أو المفترض أن يكون خلالها الزوج حزيناً موجوعاً برحيل رفيقة دربه.

 فهذه العبارة لا تتناسب في تقديرهن مع الموقف ولا تتوافق مع المقام فالزوج في هذه الحالة العسيرة موجوعاً بفقد زوجته ولا يجب كما يتصورن أن يتقبل عبارات كهذه فأين المحبة والمودة والعشرة والتضحية بينهما ، وأي سعادة سيقبل عليها كما ترى النساء وهو في حاله هذا فالرجال يحفزونه بمغريات الزواج السريع بزوجة شابة وحسناء وكأنها شمعة سيوقدها خلفاً عن التي انطفأت وانتهى مفعولها حيث تنطوي صفحة أحزانه سريعاً .. 

وما يثير حنق النساء أن هذه العبارة في هذا التوقيت تحديداً لا تراعي حياة الأسرة وظروف الزوج وبها من التلقائية والسذاجة التي لا تعير اهتماماً للموقف المهيب ، فقد لا يكون مناسباً صحياً أو مالياً أو لهموم تنتظره وتثقل كاهله بعد غياب زوجته ومما قد ينوء عن حمله من مشاق تربية صغاره وتلبية حاجاتهم ومتطلباتهم.

 تلك عندهم مصيبة الأولى أما المصيبة الثانية التي ترفع درجة غيظهن هو ما تستقبله المرأة التي تفقد زوجها عند وفاته من عبارات مواساة وتعزية من قريباتها وصديقاتها ومن جمهور النسوة عامة حيث يوجهون إليها عبارات تزيد من شعورها بالفقد والهم والعبء مثل (الله يصبرك على فراقه) .. (الله يجبر كسرك) .. (الله يعينك على تربية العيال) .. وما إلى ذلك من عبارات سلبية بعكس ما يوجه للرجل عند رحيل زوجته .. فالمسكينة يتجدد إحساسها بحالة الفقد بترديد تلك العبارات التي تهيئها لتحمله المسؤوليات الجسام مما يزيد انكسارها وضعفها وهاجسها مما ستواجهه وتنتظره في أيامها القادمة. 

وشتان بين الحالتين في حكم النساء ففي حالة الزوج يستقبل من معزيه عبارات تجدد طموحه وشبابه بالاقتران بشابه صغيره تضيء له بيارق الأمل وتوافق أمانيه بأن تكون أجمل من التي سبقتها فالحياه لن تتوقف بهذا التفاؤل للمستقبل القريب الذي ينتظره بدعوات الآخرين وتشجيعهم بدعوات الاقتران بأخرى عوضاً عن التي رحلت عن دنياه فتتحرك دماؤه الراكدة وكأن في ذلك تعويضاً لصبره عليها ومكابدته لظروفها فالفرصة حانت وتماثلت دون سعي منه يقترن بامرأة شابة.

وعموما للنساء مقولة مشهورة لبث الرعب وإعلان الحرب لكل من يساهم في تزيج زوجها من ثانية كمن يسعى في جنازة الميت يقولهن (اسعى في جنازة ولا تسعى في جوازة) بمعنى أن الذي يساهم في مشروع تزويج زوجها كالمتسبب في جنازتها وستكون القتيلة لأن الكارثة ستحل عليها وتقع على رأسها بمفردها ، ولك أن تذهب بخيالك عن حجم العداء والغل والغيظ والحقد الذي سيملئ قلبها تجاه من عاونه وساعده وأخذه بيده لإتمام مشروعه المشوؤم وستتجه لا محالة - إلا ما رحم ربك - بالدعاء عليه بكل صنوف المصائب والبلايا ى كل من ساهم بالقول أو بالفعل في طريق زواجه المفروش بالأشواك.

 

Back